لغة ( الصمت ) هي اللغة التي توحّدت داخلي
و استوطنت كياني
وهي التي أخرجتني من عالم الواقع
إلى عالم التأمّل والخيال الدائم
هي التي جعلتني أقاوم رغباتي ونزواتي
و أُكبح جماح ثورتي وحزني
وهي التي علّمتني أن لكل شي نهاية
ونهايتي هي ( الصمت )
في كل الحالات
قيّدتني كالمسجون بين آلاف السجناء
وحرّرتني من واقع الألم والحزن والعناء
هي التي أستنجد بها في أزماتي و آلامي
هي من تساندني لأقف مرّة أخرى على قدمي
التي أُهلكت من كثر وقوعها
تصفعني لكي أستيقظ من غفلتي
و هي التي تجعلني أستوعب صدماتي
( الصمت )
سلاحي و درعي في جميع حالاتي
صمتي هو مصدر قوتي
صمتي هو قناع يحجب ضعفي
و خوفي
وألمي
وحزني
صمتي هو من ينقذني دوما حينما أكون غريقا
عائما بين أنياب القروش المفترسة
هو من يسعفني عندما أكون مخنوقا و مذعورا
يكون عندها الهواء لي والحضن الآمن لجسدي
لولا الله ثم أنت أيها الصمت
لكنت الآن هالك القوى ضعيف الحيلة
أشكو إلى الناس ذلّي وهواني
إنّي أعزفك أنغام حارت موسيقاها
من أين يأتي اللحن ؟
أنت ضميري الحي حينما أرتكب خطئا فادحا
تصحو لتوقظني من غفلتي الساذجة
لتنير ظلامي وترشدني إلى الطريق الصحيح
أنت أيها الصمت
أبي وأمي وأخوتي
أنت القلب الحنون الذي لطالما سهر على راحتي
وأنت الحضن الدافئ الذي يسعى ويكدّ لأجلي
وأنت عصافير قلبي التي تشدو كل صباح
لتجعل صبحي في أجمل ساعاته
و تطرب كل من حولي بلحنك الشجّي
أحبكـ أيهّا الصمت
يا دولة لا عيش بها سوى ( الصامتون )
الحزينون المتغرّبون
الذين لا يسأمون ترداد هذه الكلمة
على تلك الآذان الصاغية
( أحبكـ ) أيها الصمت
فمن أجلكـ ( قاومت )
صارعت
ضحيّت
بالمستحيل بشيء جميل
لكنّي لا أملكه الآن لأنّه وبكل بساطة
سُلب منّي ( أٌخذ ) غصب عنّي
حكم القدر في روحي المرهونة
تحت القدر
سئمت تقاليد الحياة
سئمت أقاويل الغرباء
سئمت الجلوس ها هنا صبح مساء
لقد أفرغت شحناتي الصامتة هنا الليلة
ولكّني لم أزل أحمل بعض من المشاعر التي
تهلك قلبي وتهلكني
مشاعر لا أستطيع أن أبوح بها لأي كان
مشاعر لي وحدي
وستظلّ لي وحدي
ولا يعرفها غيري
يتسلل الخوف إلى قلبي مرة أخرى
و يسدل الليل ستاره على أوتار قلبي
و يُسمع صوت نبض أهلكه السهر وأضناه
الأنين والحب المنتظر
أناملي لم أعد أشعر بها
لقد تخدّرت من الكتابة
و عيناي تورّمتا من الشاشة
وعقلي لا يستطيع أن يجاري
هذا الكمّ الهائل من المشاعر المتدفّقة
التي تسير عكس التيّار وتأخذ كل من يحاول الاقتراب منها
وتلك النيران التي تتوقّد داخلي
لقد شعرت بلهيب حرارتها وسعيرها الحارق
لقد أخمد الفكر وجفّت الصحف
وسالت الدماء كما يسيل الماء من على سفح الجبل
إنني ضحيّة زمن لا يعرف الرحمة
رفعت الأقلام أيها ( الصامتون )
واسمعوا ندائي الأخير
كونوا صامتين حتى يكون العالم لكم ( حزين )
أدمنوا لغتي لكي تصبحوا في ( عداد الموتى )
وبالرغم من كل شيء
/
أحبكـ ( أيها الصمت )
/
الثلاثاء نوفمبر 09, 2010 9:27 am