يُعد انجراف التربة Soil erosoin مشكلة عالمية، تهدد جميع أنواع الترب في العالم، تحت المناخات المختلفة
إلا أن أكثر الترب عرضة للانجراف هي ترب المناطق شبه الصحراوية والصحراوية والمناطق الجبلية؛ فتقدر مساحة الأراضي التي تأثرت بانجراف التربة في العالم بنحو 16.43 مليون كيلومتر مربع حتى عام 1994م، منها نحو 10.94 مليون كيلومتر مربع متأثر بانجراف التربة بواسطة المياه، ونحو 5.49 مليون كيلومتر مربع متأثر بانجراف التربة بواسطة الرياح. وتراوح درجة تأثر هذه الأراضي بانجراف التربة من البسيط إلى الشديد. فيقدر أن نحو 3.43 مليون كيلومتر مربع من الأراضي المتأثرة بانجراف التربة بواسطة المياه لم تتأثر إلى بشكل بسيط، كما تقد مساحة الأراضي التي درجة تأثرها متوسطاً بانجراف التربة بواسطة المياه بنحو 5.27 مليون كيلومتر، أما الأراضي شديدة التأثر بانجراف التربة بواسطة المياه فتقدر مساحتها بنحو 2.24 مليون كيلومتر مربع.كذلك تقدر مساحة الأراضي المتأثرة بانجراف التربة بواسطة الرياح تأثراً شديداً على مستوى العالم حتى عام 1994، بنحو 0.26 مليون كيلومتر مربع، أما الأراضي متوسطة التأثر بهذا النوع من انجراف التربة فتقدر مساحتها بنحو 2.54 مليون كيلومتر مربع، وأخيراً تقدر مساحة الأراضي بسيطة التأثر بانجراف التربة بواسطة الرياح بنحو 2.69 مليون كيلومتر مربع.أما مساحة الأراضي المعرضة لخطر انجراف التربة في الأقاليم الجافة وشبه الجافة فقد قدرت بنحو 88.24 مليون كيلومتر مربع، منها نحو 55.87 مليون كيلو متر مربع معرض لانجراف التربة بواسطة المياه، ونحو 32.37 مليون كيلومتر مربع معرض لخطر انجراف التربة بواسطة الرياح.وتتدرج شدة هذا الخطر من البسيط إلى العالي جداً، فتقدر مساحة الأراضي المعرضة للخطر العالي جداً من انجراف التربة بنحو 12.2 مليون كيلومتر مربع، بالنسبة للأنجراف بواسطة المياه، ونحو 9.32 مليون كيلومتر مربع بالنسبة للانجراف بواسطة الرياض. أما الأراضي المعرضة للخطر العالي من انجراف التربة فتقدر مساحتها بنحو 10.97 مليون كيلومتر مربع بالنسبة للانجراف بواسطة المياه، و7.79 مليون كيلومتر مربع بالنسبة للانجراف بواسطة الرياح. وكذلك تقدر مساحة الأراضي المعرضة للخطر المتوسط من انجراف التربة بنحو 15.37 مليون كيلومتر بالنسبة للانجراف بواسطة المياه، ونحو 6.31 مليون كيلومتر بالنسبة للانجراف بواسطة الرياض. أما الأراضي المعرضة لخطر انجراف التربة البسيط فتقدر مساحتها بنحو 17.33 مليون كيلومتر مربع بالنسبة للانجراف بواسطة المياه، ونحو 9.25 مليون كيلومتر مربع بالنسبة للانجراف بواسطة الرياح1.
الأضرار الناجمة عن انجراف التربة:
أ. تدني خصوبة التربة:ينتج انجراف الطبقة السطحية من التربة، سواء من طريق المياه الجارية، أو التذرية بالرياح، فقدان كميات كبيرة من العناصر الغذائية للنبات، لأن الطبقة السطحية التي يتم انجرافها هي أغنى طبقات التربة بالمواد الغذائية. ويُعد النيتروجين والفسفور والبوتاسيوم من أهم العناصر الغذائية للنبات التي يتم فقدانها من طريق انجراف الطبقة السطحية للتربة (انظر صورة انجراف الطبقة السطحية من التربة)ب. فقدان كمية أكبر من الأمطار:يؤدي فقدان الطبقة السطحية من التربة بواسطة الانجراف إلى ظهور طبقة على السطح أقل مسامية ونفاذية لمياه الأمطار، ما يجعل جزء كبير من مياه الأمطار يفقد على شكل جريان سطحي، بدلاً من الرشح داخل التربة. وحيث إن النباتات لا تستطيع الاستفادة إلا من الماء الذي رشح داخل التربة، واختزن على شكل رطوبة في مساحات التربة، فإنه كلما ازدادت نسبة الجريان السطحي من الأمطار، فقدت كمية أكبر من الأمطار، كان من الممكن الاستفادة منها في الزراعة.ج. زيادة وعودة الأراضي الزراعية:مع انجراف التربة بالمياه الجارية، تتكون أخاديد عميقة، في الأماكن، التي يتركز فيها الجريان المائي؛ ما يجعل سطح التربة وعراً أمام الآلات الزراعية المستخدمة في الحرث ورش المبيدات والحصاد، وأحياناً الريد. ردم قنوات الري والصرف وخزانات المياه:تترسب الترب المنجرفة بواسطة المياه الجارية والرياح في قنوات الصرف والخزانات المائيةما يزيد من كلفة صيانتها، وضعف كفاءتها. وقد قدرت تكلفة صيانة قنوات الري والخزانات المائية من رواسب الترب المنجرفة في الولايات المتحدة الأمريكية بنحو 15 بليون دولار.
هـ. ردم الأراضي الزراعية والمنشآت:تتعرض المناطق المزروعة والمنشآت للدفن بالمواد المنقولة، خاصة الرمال الزاحفة في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية. إذ قد تفقد واحات وقرى بأكملها تحت الرمال الزاحفة، كما هو الحال والصحراء الكبرى والمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية. كما أن صيانة الطرق البرية من طمر الرمال الزاحفة يشكل عبئاً مالياً كبيراً، في الكثير من المناطق الصحراوية. لذلك تلجأ العديد من الدول بوضع الحواجز الشجرية أو الإسفلتية على جوانب الطرق لتقليل كميات الرمال الزاحفة التي تصل إلى الطريق المعبد.و. تلوث المياه السطحية:عندما تكون التربة الزراعية محتوية على نسب عالية من الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية فإن انجراف التربة مع المياه الجارية يؤدي إلى تلوث مياه الأنهار والبحيرات بهذه المواد.ز. تلوث الهواء:يؤدي انجراف التربة بواسطة الرياح إلى علوق الأتربة الدقيقة في الهواء على شكل غبار؛ ما يؤدي إلى تدني الرؤية، ومشاكل صحية من أهمها الربو.ح. اختلال الاتزان الحيوي في الأنهار والبحيرات:عندما تنجرف التربة مع المياه السطحية فإن مياه الأنهار والبحيرات تصبح عكرة ؛ ما ينتج عنه تدني نفاذ أشعة الشمس داخل المياه السطحية .2. آليات انجراف التربة:
يتم انجراف التربة بواسطة آليتين، هما: الانجراف بالمياه، ويسود في الأقاليم شبه الجافة، والأقاليم الجبلية، والانجراف بالرياح، ويسود بشكل خاص في الأقاليم الجافة وشبه الجافة.
أ. انجراف التربة بالمياه: Water Erosion
يتم انجراف التربة بالمياه بطرق عدة، أهمها التعرية بالمياه الجارية في الأخاديد Gully Erosion والتعرية بالمياه الجارية في المسيلات Rill Erosion والتعرية بالمياه الجارية جريان صفائحي Sheet Flow Erosion والتعرية بالمياه الجارية في الأنهار Bank Erosion، والتعرية بواسطة قطرات المطر الساقطة Rain Drops Erosion.
(1) التعرية بواسطة قطرات المطر الساقطة:
عندما ترتطم قطرات المطر بسطح التربة غير المغطاة بالنباتات، فإن الطاقة الحركية المحمولة في هذه القطرات الساقطة تؤدي إلى قفز حبيبات التربة من مكان الارتطام، ويكون قفز الحبيبات في اتجاه المنحدر أكبر منه في الاتجاه المعاكس ، ما يسفر عن انجراف التربة في اتجاه الانحدار مع الوقت. وهذا النوع من انجراف التربة يتعاظم كلما كان الغطاء النباتي ضئيلاً، وكلما ازداد معدل الانحدار، وكلما ازداد حجم قطرات المطر الساقطة وغزارتها.
(2) تعرية التربة بالجريان الصفائحي: Sheet Flow Erosion
عندما يزيد معدل سقوط المطر على معدل تشرب التربة للماء، فإن هذا الفائض يتجمع على سطح التربة ويتحرك في اتجاه المنحدر على شكل غشاء أو صفيحة إلى أن يتجمع في مسيلات، ومن ثم إلى شعاب أو أخاديد. وعندما تكون التربة عارية من النبات، فإن حبيبات التربة تنجرف مع الجريان الصفائحي بشكل متساوي أو شبه متساوي من الحقل مما يفقد التربة طبقتها العلوية الغنية بالمواد العضوية والغذائية .
(3) تعرية التربة بالمياه الجارية في مسيلات: Rill Evasion
عندما تزداد كمية المياه الجارية على شكل صفائحي على المنحدرات أثناء العواصف المطرية تبدأ تتكون مسيلات بسيطة يكون عمق الماء فيها أكبر من المناطق المجاورة، وبالتالي تكون قدرة الماء الجاري فيها على جرف التربة أكبر.
(4) التعرية الأخدودية للتربة: Gully Erosion
مع تجمع المسيلات في اتجاه المنحدر يتكون أخاديد عميقة بفعل تعاظم قدرة الماء الجاري على جرف الترب. ومع تكون هذه الأخاديد، تبدأ تمتد نحو أعلى المنحدر جارفة كميات كبيرة من التربة على عمق كبير.
(5) انجراف التربة بفعل النحت الجانبي للأنهار: Bank Erosion
عندما تنعطف الأنهار فإن الجهة المقابلة للتيار المائي تنهدم تربتها في النهر وتجرف مع المياه إلى أسفل النهر.
ب. انجراف التربة بالرياح: Wind Eerosion
ينشط انجراف التربة بالرياح في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية حيث تكون التربة عارية من الغطاء النباتي، وغير متماسكة بسبب الجفاف. ويحدث عن ذري التربة بالرياح فقدان التربة من مناطق واسعة، أو فقدانها من أجزاء من الحقل .
ويتم انجراف التربة بالرياح بطرق عدة، أهمها عملية التلعيق Suspension في الهواء لحبيبات التربة الناعمة، مثل حبيبات الطين والغرين، وعملية القفز Saltation للحبيبات الأكبر حجماً، مثل: الرمال، وعملية الدحرجة على سطح التربة للحبيبات الأكبر حجما.
(1) التعليق:
عندما تكون القوت التي تدفع بها الرياح على حبيبات التربة أكبر من قوة مقاومة هذه الحبيبات والمتمثلة في وزن هذه الحبيبات فإنه يبدأ انتشال هذه الحبيبات. وحبيبات التربة الأصغر حجماً، والمتمثلة في حبيبات الطين والغرين، هي التي تستطيع الرياح انتشالها من بين حبيبات التربة بسبب وزنها المتدني شكلها القريب من الصفائحي. وبعد انتشال هذه الحبيبات الدقيقة من سطح التربة تبقى عالقة في الهواء بفعل الدوامات الهوائية المصاحبة للرياح، لذلك تنقل هذه الحبيبات بعيداً عن الأماكن التي تمت تذريتها منها، حيث يتم الإرساب في المناطق التي تخف فيها سرعة الرياح ويسكن الهواء.
(2) القفز:
عندما تكون حبيبات التربة في حجم الرمل فإن الرياح عادة لا تستطيع تعليقها في الهواء، إنما تنتشلها لمسافة قصيرة لتسقط مرة ثانية على سطح التربة، حيث يؤدي ارتطامها إلى قفز حبيبات أخرى، وهكذا .
(3) الدحرجة:
عادة تكون قوة دفع الرياح لحبيبات التربة محدودة لا تستطيع انتشال حبيبات التربة الأكبر حجماً مثل الحصبى، لكنها كافية لدحرجة هذه الحبيبات فوق سطح التربة دون الانتشال فوق السطح.
3 . العوامل المؤثرة في انجراف التربة :
تختلف العوامل المؤثرة في مدى تعرض التربة للانجراف حسب الآلية التي يتم بها انجراف التربة.
أ. العوامل المؤثرة في انجراف التربة بالمياه:
هناك العديد من العوامل المؤثرة في معدل انجراف التربة بالمياه، منها ما هو متعلق بطبيعة الأمطار الساقطة، ومنها ما هو متعلق بطبيعة التربة نفسها وتركيبها، ومنها ما هو متعلق بطبغرافية المنطقة، ومنها ما هو متعلق بالغطاء النباتي، ومنها ما هو متعلق بالنشاط البشري.
(1) حجم قطرات المطر: Rain drop size
كلما ازداد حجم قطرات المطر الساقطة ازدادت الطاقة الحركية المحمولة فيها، لأن الطاقة الحركية للجسم تساوي حاصلة ضرب كتلة الجسم في مربع سرعة الجسم المتحرك، ومن ثم تكون قدرة قطرات المطر أكبر على جرف التربة العارية من الغطاء النباتي، حيث تزداد كمية حبيبات التربة المتطايرة من ارتطام قطرة المطر، وتزداد المسافة التي تقفز إليها هذه الحبيات المتطايرة.
(2) غزارة انهمار المطر: Rainfall intensity
غزارة المطر عبارة عن كمية المطر الساقطة على مساحة محددة من سطح الأرض خلال زمن محدد.
غزارة المطر =
كمية المطر
المساحة × الزمن
وكلما ازدادت غزارة انهمار المطر ازداد معدل انجراف التربة، بسبب زيادة كمية الجريان السطحي فوق سطح التربة. فالمطر عندما يسقط على سطح التربة إما أن يتسرب إلى داخل التربة وهو ما يعرف بالرشح أو التشرب، أو يبقى على سطح التربة، ومن ثم يسيل نحو أسفل المنحدر وهو ما يعرف بالجريان السطحي. وكلما ازدادت غزارة المطر بالنسبة لمعدل تسرب الماء داخل التربة، ازداد معدل الجريان السطحي فوق سطح التربة ومن ثم ازدادت قدرته على جرف التربة.
(3) نفاذية التربة Soil permeability:
كلما ازدادت نفاذية التربة ازدادت كمية المطر المتسربة إلى داخل التربة على حساب الكمية التي تكون الجريان السطحي فوق التربة، وبالتالي يقل معدل انجراف التربة بهذه المياه الجارية فوق سطح التربة.
ويقصد بنفاذية التربة مقدرتها على توصيل الماء، أو سهولة حركته، في فراغاتها. وتعتمد هذه النفاذية على المسامية، وحجم الفراغ الواحد، ومدى اتصال الفراغات بعضها ببعض.
وإذا كانت الفراغات في التربة غير متصل بعضها ببعض، فإن النفاذية تكون منخفضة، حتى لو كانت المسامية عالية، وحجم الفراغ الواحد كبيراً. كما أنه ليس، بالضرورة، أن الترب الأعلى مسامية، هي الأعلى نفاذية؛ لأنه يجب أن يتلازم ازدياد المسامية واتساع حجم الفراغ الواحد. ولذلك، فأن التربة الطينية، الأعلى مسامية من الترب الرملية، تكون أقل منها نفاذية؛ لأن حجم الفراغ الواحد، في الأولى، صغير جداً؛ ما يجعل الاحتكاك يستنفد جزءاً كبيراً من الطاقة، ويحد من سرعة حركة الماء. وهناك العديد من العوامل، التي تتحكم في حجم الفراغ الواحد في التربة، ومن ثم، في نفاذيتها. وأهمها ما يلي:
(أ) حجم حبيبات التربة:
لا يؤثر حجم حبيبات التربة في مساميتها، إذا تساوت العوامل الأخرى، مثل طريقة تراصّ الحبيبات، ومدى تجانسها؛ إلا أنه كثير التأثير في نفاذيتها؛ لأنه كلما صغر حجم حبيباتها، صغر حجم الفراغ الواحد؛ والعكس صحيح .
(ب) طريقة تراصّ حبيبات التربة:
طريقة تراصّ حبيبات التربة، تؤثر في مساميتها، ونفاذيتها معاً. ففي التراصّ المكعبي Cubic، تكون المسامية عالية، وحجم الفراغ الواحد كبير؛ ما يجعل النفاذية عالية. أما إذا تراصّت حبيبات التربة، على شكل سداسي موشوري Rhombohedral، فإن مساميتها تنخفض، ويصغر حجم الفراغ الواحد؛ ما يجعل نفاذيتها منخفضة .
(ج) مدى تجانس حجم حبيبات التربة :
يؤثر مدى تجانس حجم حبيبات التربة، في كل من نفاذيتها ومساميتها؛ إذ كلما كان حجم الحبيبات أكثر تجانساً، كانت مسامية التربة عالية، وحجم الفراغ الواحد كبيراً؛ ما يجعل نفاذيتها عالية. وإذا كان حجم الحبيبات غير متجانس، فإن الأصغر حجماً منها، تسد الفراغات بين كبيراتها؛ ما يحد من مسامية التربة، ويقلل من حجم الفراغ الواحد؛ فيضيق نفاذيتها.
(د) مدى اتصال مسام التربة
إذا لم يكن هناك اتصال بين مسام التربة، فإن الماء، لا يستطيع الحركة في هذه المسام المسدودة. وهو ما يعتري، عادة، الصخور؛ إلا أنه قد ينتاب التربة، بسبب انسداد بعض مساماتها بالمواد اللاحمة، مثل: السليكا SiO2، والكلس CaCO3، وأكاسيد الحديد Fe2O3، والجبس CaSO4. 2H2O.
وعادة تكون الترب الرملية عالية النفاذية مما يقلل من نسبة الجريان السطحي لماء المطر فوق سطح التربة في الترب الرملية وبالتالي انخفاض احتمال انجرافها. أما الترب الطينية فتكون نفاذيتها، عادة، مدنية ما يجعل نسبة المطر التي تصرف على شكل جريان صفائحي أو في مسيلات فوق سطح التربة تزداد على حساب نسبة ماء المطر المتسرب إلى داخل التربة، ومع ازدياد نسبة الجريان السطحي في الترب الطينية تزداد فرص انجراف التربة مع هذه المياه الجارية فوق سطح التربة.
(4) حجم حبيبات التربة Particle size
كلما ازداد حجم حبيبات التربة ازدادت كتلتها، ومن ثم صعب على المياه الجارية فوق سطح التربة جرفها، وذلك راجع إلى زيادة قوة مقاومة هذه الحبيبات.
قوة المقاومة = وزن الحبيبة × جتا زاوية الانحدار × معامل الاحتكاك
وزن الحبيبة = كتلة الحبيبة × التسارع بالجاذبية الأرضية
لذلك يكون هناك تناسباً عكسياً بين معدل انجراف التربة وحجم حبيبات التربة إذا تساوت الظروف الأخرى. فنجد أن الترب التي يكون سطحها يغطى بفرشاة من الحصبى والحصيات تكون مقاومة للانجراف بالمياه الجارية، والعكس صحيح، بالنسبة للترب التي يكون قوام طبقتها السطحية ناعم.
(5) التحام حبيبات التربة
يزيد تلاحم حبيبات التربة من مقاومتها للانجراف بالمياه الجارية، لأن هذا التماسك سواء بالمواد العضوية أو الأملاح أو المعادن الطينية يحول دون اقتلاع هذه الحبيبات مع الماء الجاري. لذلك، نجد أن الترب المفككة سواء كانت مفككة بشكل طبيعي بسبب فقرها بهذه المواد اللاحمة أو مفككة بفعل الإنسان أكثر عرضة للانجراف بالجريان السطحي.
(6) انحدار السطح Slope
كلما ازدادت زاوية انحدار السطح ازداد معدل انجراف التربة سواء من طريق القفز بتأثير قطرات المطر الساقطة أو من طريق المياه الجارية فوق سطح التربة. فزيادة الانجراف الناتج عن قطرات المطر الساقطة راجع إلى أن المسافة التي تقفزها الحبيبات المتطايرة في اتجاه المنحدر تزداد مع ازدياد زاوية الانحدار. أما زيادة انجراف التربة بالمياه الجارية مع زيادة زاوية انحدار التربة فيرجع إلى ازدياد قوة دفع الماء الجاري الذي تتناسب طردياً مع جيب زاوية الانحدار.
قوة دفع السيل =
عمق السيل × كثافة السائل × مساحة الجسم × جيب زاوية الانحدار
12
إضافة إلى تدني مقاومة حبيبات التربة للانجراف التي تتناسب تناسباً طردياً مع جيب تمام زاوية الانحدار.
قوة المقاومة = وزن الحبيبة × معامل الاحتكاك × جيب تمام زاوية الانحدار
لذلك نجد أن ترب المناطق الجبلية ذات الانحدار العالي تعاني كثيراً من انجراف التربة ما لم يكون هناك إجراءات مضادة لتخفيف انحدار السطح مثل بناء المدرجات على السفوح الجبلية المنتشر كثيراً في مثل هذه المناطق الجبلية كتلك المنتشرة منذ قدم الزمان في منطقة عسير الجبلية بجنوب غرب المملكة العربية السعودية ومرتفعات اليمن.
(7) طول المنحدر Slope Length
يؤثر طول المنحدر على معدل انجراف التربة من طريق تزايد كمية الجريان السطحي كلما اتجهنا أسفل المنحدر والتي بدورها تزيد من معدل انجراف التربة، خاصة وأن قدرة دفع السيل تتناسب تناسباً طردياً مع عمقه، كما هو واضح في المعادلة في الفقرة أعلاه.
( شكل المنحدر Slope Shape
يقصد بشكل المنحدر النمط الذي تتغير به درجة الانحدار على طول المنحدر. فتكون التعرية كبيرة في المنحدرات المحدبة Convex ، حيث إن درجة الانحدار تبلغ أقصاها عند أسفل المنحدر التي تكون فيها كمية الجريان السطحي قد زادت. أما المنحدرات المقعرة Concave فيكون معدل انجراف التربة فيها أقل لأن الجزء من المنحدر الأكثر انحداراً يقع في أعلى المنحدر قبل أن تزداد كمية الجريان السطحي.
(9) الغطاء النباتي
يساعد الغطاء النباتي على خفض معدلات انجراف التربة بشكل كبيرة، ويتناسب ذلك طردياً مع كثافة هذا الغطاء. فالغطاء النباتي يمنع قطرات المطر الساقطة من الارتطام بسطح التربة وبذلك يكون قد حال دون انجراف التربة من طريق الحبيبات المتطايرة من ارتطام القطرات بسطح التربة. كذلك يعمل الغطاء النباتي على زيادة تماسك التربة ومقاومتها للتعرية من طريق شبكة الجذور، أما الجزء العلوي من النبات فوق سطح التربة فيعمل على الحد من سرعة الجريان السطحي وبالتالي يخفض قدرته على جرف التربة كما أن جذور النباتات تساعد على إيجاد مسام كبيرة داخل التربة ما يزيد من نفاذية التربة وبالتالي زيادة الجزء المتسرب من الأمطار داخل التربة على حساب الجريان السطحي وهو ما يحد من معدل انجراف التربة. لذلك نجد أن مناطق الغابات التي تم قطع أشجارها من أجل بيع الأخشاب أو من أجل الزراعة مكانها تعاني بشكل كبير من انجراف التربة، حيث يُعد من أهم عوامل التصحر في العالم. كذلك نجد أن الحقول الزراعية التي تكون عارية من الغطاء النباتي بعد الحصاد وقبل اكتمال نمو المحصول الجديد تتعرض لانجراف التربة بشكل كبير، خاصة إذا توافقت هذه الفترة مع الموسم المطير.
(10) حرث التربة
عندما يتم حرث التربة بالجرارات من أجل زراعة المحاصيل فإن التربة تكون أ:ثر عرضة للانجراف بالمياه الجارية لأن الحرث يقلل من التحام وتماسك حبيبات التربة. وتبرز مشكلة انجراف التربة بسبب الحرث بشكل كبير في المناطق الجبلية حيث تكون درجة انحدار السطح عالية. وتتفاقم هذه المشكلة عندما يتزامن موعد الحرث مع موسم سقوط الأمطار الغزيرة.
ب. العوامل المؤثرة في انجراف التربة بالرياح
تتحكم عدة عوامل في معدل انجراف التربة بالرياح، فمن هذه العوامل ما هو متعلق بخصائص الرياح، ومنها ما هو متعلق بطبيعة التربة نفسها خاصة خصائصها الفيزيائية، ومنها ما هو متعلق بنوعية الغطاء النباتي وكميته، ومنها ما هو متعلق بالنشاط البشري وممارساته لتدمير أو الحفاظ على التربة.
(1) سرعة الرياح Wind speed
عندما تهب الرياح على سطح التربة المكونة من حبيبات غير متماسكة، فإن هناك سرعة حدية تبدأ عندما حبيبات التربة في التحرك. وهذه السرعة الحدية التي تبدأ عندها حركة الحبيبات تعتمد على قطر الحبيبة وكثافتها وكثافة الهواء.
السرعة الحرجة =
السرعة الحرجة =0.1
كثافة الحبيبة – كثافة الهواء
× التسارع بالجاذبية × قطر الجبيبة
كثافة الهواء
وهذه العلاقة الرياضية لا تنطبق على حبيبات التربة التي يقل قطرها عن 0.1 مليمتراً لأن قوى التلاحم بين هذه الحبيبات الصغيرة تكون كبيرة، ولأن خشونة سطح التربة المكونة من هذه الحبيبات الصغيرة يكون متدنياً. كما أن هذه العلاقة الرياضية تتوقف عندما يزيد قطر الحبيبة عن 0.84 مليمتراً حيث لا يمكن للرياح تحريك هذه الحبيبة لوحدها، إنما تحتاج إلى قوة إضافية مستمد من اصطدام حبيبات التربة الأقل حجماً القافزة بالرياح.
(2) حجم حبيبات التربة Particle size
كلما ازداد حجم حبيبات التربة ازدادت مقاومتها للانجراف بسبب الزيادة في الوزن المصاحب لذلك. وحيث إن قدرة الرياح محدودة في حمل أو تحريك المواد على سطح التربة فإن الحبيبات الدقيقة مثل الطين والغريت هي التي يتم تعليقها في الهواء أثناء هبوب الرياح، أما الرمل فلا تستطيع الرياح حمله إنما تحركه من طريق القفز أو الدحرجة فوق السطح، ومع تزايد حجم الحبيبات أكبر من حجم الرمل، فإن الحصباء الصغيرة لا تتحرك إلا من طريق الدحرجة فوق السطح، أما الحبيبات الأكبر من ذلك فإن الرياح لا تستطيع جرفها. لذلك نجد أن كثير من المناطق قد جرفت الرياح مواد التربة الناعمة منها ثم توقفت عملية الانجراف بعد أن أصبح السطح مغطى بفرشاة من الحصى الذي كان متفرقاً.
(3) رطوبة التربة Soil moisture
تتناسب رطوبة التربة تناسباً عكسياً مع سهولة تذرية الرياح لحبيبات التربة، فكلما ازدادت رطوبة التربة في المنطقة السطحية كلما ازداد تماسك هذه الحبيبات مع بعضها البعض ما يقلل من فرصة الرياح في انتشالها أو دحرجتها. لذلك نجد أن التعرية الريحية تتلاشى في المناطق الصحراوية بعد العواصف المطرية وفي المناطق التي تكون رطبة تربتها نظراً لقربها من المياه الجوفية التي تجذب إلى سطح التربة بواسطة الخاصية الشعرية.
(4) تصلب قشرة التربة بالأملاح Soil Surface crusting
بين مواد التربة الناعمة التي تم تذريتها بالرياح، وذلك فيما يعرف بظاهرة الحماد .
في بعض المناطق الصحراوية يكون هناك إمداد مستمر من المياه الجوفية أو مياه الري الزراعي للتبخر من سطح التربة، ما يجعل الأملاح تتركز في محلول التربة إلى أن تصل إلى درجة التشبع ومن ثم الترسب في فراغات التربة على شكل مادة لاحمة مكونة قشرة سطحية تتسم بالتماسك، ما يجعلها مقاومة لانجراف التربة بالرياح، كما هو الحال في السبخات.
(5) كثافة الغطاء النباتي Vegetation cover
يعمل الغطاء النباتي على الحد من انجراف التربة بالرياح من طريق عدة آليات. فكلما ازدادت كثافة الغطاء النباتي ازداد احتكاك الرياح وبالتالي انخفضت سرعتها في الطبقة القريبة من سطح التربة وبالتالي قلت قدرتها على تذرية مواد التربة. كذلك تعمل جذور النبات على تماسك التربة ما يزيد من مقاومتها لعمليات التذرية بالرياح. أما الآلية الثالثة يحد بها الغطاء النباتي من انجراف التربة بالرياح فتمثل في حجزها لحبيبات الرمل القافزة والمتدحرجة بواسطة الأغصان والأوراق، ما يقلل من معدل الانجراف.
(6) تدمير الإنسان لسطح التربة المستقرة
لقد تزايدت معدلات انجراف التربة بالرياح مؤخراً في المناطق الصحراوية القريبة المدن ومناطق الاستقرار والنشاط البشري بسبب تدمير الطبقات السطحية للتربة التي قد وصلت إلى مرحلة استقرار وتوازن بيئي بحيث لم تعد الرياح قادرة على تذريتها كما هو الحال في مناطق الحماد المنتشرة في المناطق الصحراوية. لكن استخدام الإنسان غير المسؤول لوسائل النقل الحديثة، خاصة السيارات، عمل على تفتيت وكشط هذه الطبقات السطحية للتربة ما جعل عملية انجراف التربة تتسارع من جديد في هذه المناطق.
(7) قطع الأشجار
يعمد الإنسان في بعض المجتمعات بالمناطق الصحراوية وشبه الصحراوية إلى قطع الأشجار بشكل غير مسؤول لأغراض عدة ما يؤدي إلى تراجع كثافة الغطاء النباتي في المنطقة، أو ما يعرف بالتصحر، ما يجعل سطح التربة مكشوفاً للرياح التي تصبح قادرة على تذرية مكونات التربة.
( الرعي الجائر
يؤدي الرعي الجائر أو رعي الأغنام والماشية بشكل أكبر من أن تتحمله المراعي الطبيعية خاصة في المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية التي تراجع كثافة الغطاء النباتي وتماسك التربة ما يجعلها عرضة للتذرية بالرياح. وعادة تسود هذه المشكلة في المناطق التي لا تمارس فيها إدارة جيدة للمراعي.
خاتمة:
وسائل الحد من انجراف التربة وتصحرها:
وخصوصآ ذلك في المناطق الجافة وشبه الجافة، المحافظة علي المواردالطبيعية وتنميتها. ومن أهم هذه الوسائل:
1- المسح البيئى للوقوف علي الأسباب التى تؤدى إلي تدهور النظمالبيئية.
2- تثبيت الكثبان الرملية ويشمل:
أ- إقامة الحواجز الأمامية والدفاعية كخطوط أولى أمام تقدم الرمال.
ب- إقامة مصدات الرياح الصغيرة.
ج- تغطية الكثبان الرملية بالآتى:
- المواد النباتية الميتة.
- المشتقات النفطية والمواد الكيميائية أو المطاطية.
- تشجير الكثبان الرملية بنباتات مناسبة لوسط الكثبان الرملية.
3- الحفاظ علي المراعى الطبيعية وتطوير الغطاء النباتى الطبيعى.
4- وقف التوسع في الزراعة المطرية علي حساب المراعى الطبيعية.
5- استغلال مياه السيول في الزراعة.
6- وقف قطع الأشجار والشجيرات لاستخدامها كمصدر للطاقة.
7- ضبط الزراعة المروية وإعادة النظر في وسائل الرى والصرف الحالية.
8- الزراعة الجافة:حيث يتم استزراع النباتات التى تحتاج لمياهقليلة وتمتاز بشدة مقاومتها للجفاف.
9-
تحسين بنية التربة بإضافة المادة العضوية إليها وحرثها معالنباتات التى تعيش فيها .
10-
القضاء علي ميل الأرض بإنشاء المصاطب (المدرجات).
11- حراثة الأراضى في أول فصل الأمطار.
12-
إنشاء البرك والبحيرات في الأخاديد لوقف جريان المياه.
13-
إقامة السدود للتقليل من قوة السيول.
14-
الحفاظ علي الغطاء النباتى والابتعاد عن الرعى الجائر.
15-
إحاطة الحقول والأراضى المعرضة للانجراف بالمصدات من الأشجاروالشجيرات.
-المراجع:
- جريدة العلم.
- شبكة الأنترنيت.