شاسعة. كما أنه يمتد امتدادا كبيرا ـ على شكل رفوف جليدية طافية ـ داخل سطح المحيط.
حتى الآن فَرَضت السمات الدينامية الخاصة بالغطاء الجليدي
سيطرة كافية على حجمه منعت زواله السريع
لقد تركت هذه الاستنتاجات الباب مفتوحا على مصراعيه أمام إمكان حدوث استنزاف سريع على طول أنهار روس الجليدية. وبالمقابل فقد طمأن العاملون البريطانيون ـ الذين كانوا يدرسون أنهار رون الجليدية في الطرف الآخر من غربي أنتارتيكا ـ العالم إلى أن المشهد في قطاعهم ليس سيئا إلى هذه الدرجة. ولكن كان لدى العلماء العاملين بالقرب من رفّ روس الجليدي Ross Ice Shelf من الأسباب ما جعلهم يعتقدون أنه بمجرد أن تجرف أنهار روس الجليدية المليون كيلومتر مكعب من جليد المنطقة، فسوف يتبعها بالتأكيد سائر الغطاء ـ بما في ذلك المنطقة التي تُصَرِّفها drain أنهار رون الجليدية وجزء من الغطاء الجليدي في شرقي أنتارتيكا.
في التسعينات بدأ الباحثون يلاحظون صفة أخرى مقلقة لأنهار روس الجليدية؛ فهي ليست سريعة فقط وإنما متقلبة أيضا. وقد بينت الفحوص الرادارية للبنية المختفية تحت سطح الجليد الملامس للقاع أن الأنهار الجليدية لم تكن دائما في مواقعها الحالية. فقد كشفت الصور المأخوذة بالسواتل لرف روس الجليدي المؤلف من الجليد الذي وصل إلى تلك المنطقة خلال الألف سنة الماضية عن شقوق عميقة ومعالم أخرى تشكل سجلا طبيعيا للتغيرات المثيرة والواضحة في معدلات جريان الأنهار الجليدية. وبالفعل فإن أحد الأنهار الذي أطلق عليه اسم «C» يبدو أنه توقف فجأة عن الجريان قبل قرن ونصف القرن. وكذلك فإن النهر الجليدي ويلانسWhillans تباطأ خلال العقود القليلة الماضية. فإذا كانت الأنهار الجليدية تتوقف وتجري، كما تشير مثل هذه الاكتشافات، فسيكون التنبؤ بمستقبلها أصعب بكثير مما افترض سابقا. ولعل أكثر ما كان ينذر بالخطر هو إمكان أن تبدأ الأنهار الجليدية الراكدة بالجريان ثانية من دون سابق إنذار. ولكن سرعان ما أتى ما يطمئن على عدم حدوث هذا التوقع في المستقبل القريب على الأقل.
جليد أنتارتيكا/ نظرة إجمالية(***)
■ ظل الكثير من خبراء أنتارتيكا، طوال ثلاثة عقود تقريبا، يحذرون من أن الغطاء الجليدي لغربي أنتارتيكا يمر بسيرورة تفكك سريعة يمكنها أن ترفع مستوى سطح البحر في العالم خمسة أمتار خلال قرون قليلة أو أقل.
■ يعتقد الكثير من هؤلاء الباحثين الآن أن الغطاء الجليدي ينكمش ببطء أشد كثيرا مما كانوا يخمنون في السابق، وأنه من المرجح أن يرتفع مستوى البحار بمقدار نصف متر أو أقل في القرن القادم.
■ ولكن هذا الإجماع ليس خاليا من بعض التحذيرات؛ فالغطاء الجليدي، غير المفهوم جيدا، في قطاع أموندسِن يبدو الآن أنه يتقلص بسرعة أكبر مما كان يُظن سابقا. ■ إن الاحترار العالمي الذي لم يكن يقوم حتى الآن سوى بدور ضئيل في تحديد مصير غربي أنتارتيكا، سيكون له تأثير أكبر في المستقبل.
قبل نحو خمس سنوات بدأ وابل من التقارير يعطي أدلة حاسمة على أن الغطاء الجليدي ربما لم يترقق بالقدر الذي قُدّر سابقا. وفي العام 2000 استخدم [من جامعة واشنطن] تقنيات جديدة لتحليل عينة لُبيّة core جليدية قديمة استخرجت في العام 1968 من وسط غربي أنتارتيكا. وقد دل التحليل الأولي على أن ارتفاع الجليد كان خلال العصر الجليدي الأخير أعلى بنحو 950 مترا مما هو عليه اليوم، ولكن تفسير ستايگ المعدل أنقص ذلك الفرق إلى 200 متر. كما قدّر[وهو باحث آخر من جامعة واشنطن] زمن حدوث ترقق الغطاء الجليدي، بواسطة قياس المنتجات المشعة الثانوية التي خلفتها الأشعة الكونية التي تفككت بمعدل معلوم منذ اللحظة التي ترك فيها تراجع الجليد النتوءات الصخرية مكشوفة. وقد وضعت هذه القياسات حدودا صارمة على الحجم الأصلي للغطاء الجليدي، إذ أشارت إلى أن حجمه ربما لم يتجاوز حجمه الحالي بأكثر من مرتين ونصف المرة.
الماضي والحاضر والمستقبل؟(****)
منذ أوج العصر الجليدي الأخير قبل000 20سنة من الآن، ظل الغطاء الجليدي السميك لأنتارتيكا (في الأسفل) ينكمش بصورة تدريجية غالبا، وبصورة سريعة أحيانا. وقد حدث أكبر انكماش في غربي أنتارتيكا، حيث الغطاء الجليدي أكثر هشاشة بكثير من مثيله في الشرق. ولأن الغطاء الغربي تغير بسرعة في الماضي، لم يعد العلماء متأكدين إن كان الفقدان المثير الحديث للجليد يعكس تقلبات عادية أو أنه بداية توجه منذر بالسوء نحو الانهيار الكامل. وفي أعقاب انهيار كارثي، سوف تغمر البحار ـ التي سيرتفع مستواها بسرعة ـ المناطق الساحلية في مختلف أنحاء العالم.
الانكماش
يُترجَم التغير في سماكة الجليد منذ العصر الجليدي الأخير (في الأعلى إلى اليمين) إلى فقدان نحو من5.3 مليون كيلومتر مكعب (لأحمر) معظمها من غربي أنتارتيكا. لقد انكمشت حافة الغطاء الجليدي الملامسة للأرض، التي تصل إلى قاع البحر، انكماشا سريعا في بحر روس بصورة خاصة (التفصيل في اليسار) خلال ال7000 سنة الماضية، متراجعة إلى داخل القارة نحو 700 كيلومتر.
السيناريو الأسوأ
إن الانهيار الكامل للغطاء الجليدي لغربي أنتارتيكا يمكن أن يؤدي إلى رفع مستوى البحار خمسة أمتار. ومن بين الأمكنة التي ستحل بها الكارثة جنوبي فلوريدا (في الأعلى)، حيث سيختفي نحو ثلث شبه الجزيرة الشهيرة تحت الماء. ويسهم غربي أنتارتيكا حاليا بنحو 10 في المئة من متوسط ارتفاع مستوى سطح البحر البالغ مليمترين كل عام.
وحتى أوائل العام2001 كان العلماء، الذين يتبنون الرأين النقيضين في الجدل حول مستقبل الغطاء الجليدي في غربي أنتارتيكا، قادرين على التمسك بوجهات نظرهم. وكان التوفيق بين الأدلة القوية المتناقضة يتطلب من الجميع أن يعترفوا بأن تغايرا كبيرا يحدث في أمد زمني قصير يمكن أن يظهر أيضا في صورة تغاير طفيف في أمد زمني أطول. ومنذ ذلك الحين أكدت قياسات محسنة لحركة أنهار روس الجليدية أن الهطل الثلجي الجديد يعوض بصورة عامة فقدان الجليد في هذا القطاع، مما يعني عدم حدوث انكماش شامل في الوقت الحاضر. وفي أواخر العام 2001 تمكن معظم العلماء دارسي الأنتارتيكا ـ بمن فيهم كلانا ـ من الاتفاق أخيرا على أن أنهار روس الجليدية لا تسبب ترقق الجليد في الوقت الحالي. ويبدو أنه حدث توازن بين تغيرات الهطل الثلجي وتصريف الجليد طوال الألف سنة الماضية ـ وهذا مؤشر إلى أن احتمال أن يضيف الغطاء الجليدي إضافة مفاجئة لارتفاع منسوب البحار هو أقل مما توقعه بعض الباحثين.
حقائق قارسة(*****)
إن التنبؤ باستجابة أغطية الأنتارتيكا الجليدية للمناخ المتغير وتأثيرها في مستوى البحر ليس بالأمر المباشر الواضح دائما. وفيما يلي بعض الظواهر الأقل وضوحا والتي يتعين على العلماء أخذها بالحسبان:
ليس من الضروري أن يذوب الجليد لكي يزداد ارتفاع مستوى البحار
يسهم الجليد الذي كان فيما مضى على اليابسة، في رفع المستوى العالمي للبحار، وذلك بمجرد أن يبدأ بالطفو. وبالفعل يزيح الجبل الجليدي ـ الذي يقع معظمه تحت سطح المحيط ـ المقدار نفسه من ماء البحر الذي يزيحه حين يصبح في الحالة السائلة. والشيء نفسه يصح بالنسبة للرفوف الجليدية التي هي ألسنة جليدية طافية تمتد داخل البحر من حافات القارات. وفي الأنتارتيكا تدل درجات الحرارة القارسة ـ التي يبلغ متوسطها نحو34- درجة سيلزية (29- درجة فرنهايت) ـ على أن جزءا قليلا جدا من جليد تلك القارة يمكن أن ينصهر في وقت من الأوقات. وهذا يمكن أن يتغير إذا ازداد انتشار الاحترار العالمي في المنطقة. ولكن الأنتارتيكا لا تؤثر في مستوى البحار حاليا إلا عندما يتفكك الجليد الصلب، أو يُضاف إلى الرفوف الجليدية الموجودة، وتنقله المَجْلدات الساحلية أو سيور ناقلة طبيعية أخرى تدعى الأنهار الجليدية إلى الشواطئ.
يمكن للجليد أن يسرّع آثار الاحترار العالمي أو يبطئها
تصور حقلا مغطى بالثلج تغمره الشمس الساطعة. يعكس الثلج والجليد من الطاقة الشمسية نحو الفضاء قدرا أكبر بكثير مما تعكسه المحيطات الداكنة وسطوح اليابسة. ويساعد مثل هذا الانعكاس جزءا باردا في الأصل من الغلاف الجوي فوق الجليد على بقائه باردا، وهذا يزيد احتمال تشكل المزيد من الجليد. ومن ناحية أخرى، إذا سخّن الاحترار العالمي الغلاف الجوي تسخينا كافيا للبدء بإذابة الجليد وتعريض جزء أكبر من السطح الداكن تحته فسوف تمتص المنطقة مقدارا أكبر من الطاقة الشمسية وسيصير الهواء أكثر دفئا.
يمكن للاحترار العالمي أن يبطئ ارتفاع مستوى البحار أو أن يسرعه
يزيد الهواء الدافئ التبخر من المحيطات ويحمل رطوبة أكبر من تلك التي يحملها الهواء البارد. وهكذا، فإنه كلما ازداد الاحترار العالمي أمكن لمزيد من ماء البحر المتبخر من المناطق المعتدلة أن يُنقل إلى المناطق القطبية حيث يهطل ثلجا. ويمكن لهذه السيرورة أن تتعزز فيما لو أذاب الاحترار العالمي كميات ذات شأن من جليد البحر وعرّض مقدارا أكبر من سطح المحيط للجو. فإذا ما تساوت الظروف الأخرى جميعها، يمكن الحفاظ على ماء المحيط بشكل ثلج بسرعة أكبر من عودته إلى البحر، مما يخفف شيئا من الارتفاع في مستوى البحار. ولكن المشكلة أن الاحترار العالمي يمكن أن يتسبب كذلك في ذوبان جليد اليابسة أو في تفككه بسرعة أكبر. ويتوقف أثر الاحترار العالمي النهائي في الأغطية الجليدية على كون هذه السيرورة أو تلك هي الغالبة.
[center]
يعطي الجبل الجليدي الطافي فكرة خاطئة عن حجمه الحقيقي حين يُرى من الأعلى، فتُسعون في المئة من كتلته تختفي تحت السطح.
[/center]
ولكن جميع العلماء المنخرطين في هذا الجدل يعرفون جيدا أن الطبيعة الدينامية للأنهار الجليدية تحتم ألا تفسِّر المحاولة التوفيقية هذه إلا ما يجري اليوم فقط. فإذا ما نظرنا إلى عصور زمنية غابرة، على سبيل المثال، وجدنا أن البرهان الجيولوجي في المنطقة القريبة من محطة ماك موردو الأمريكية يوحي بأن الغطاء الجليدي انحسر في تلك المنطقة بسرعة كبيرة قبل نحو 7000 سنة. وعليه فإن هذا النوع من الانهيار الإقليمي ، على الرغم من عدم استمراره، يمكن أن يكون قد حدث خلال فترات قصيرة ويمكن أن يحدث مرة أخرى.
وفي سبيل تصور أفضل لاستقرار الغطاء الجليدي في المستقبل، عمّق الباحثون كذلك فهمهم للقوى التي تتحكم في جريان الجليد داخل الأنهار الجليدية، بما في ذلك تفسير لماذا يمكن أن تتوقف الأنهار، وأن تبدأ، وأن تغير سرعتها في فترات زمنية مختلفة [انظر الإطار في الأعلى]. وتَبيَّن أن الرواسب (التي تدعى كذلك الحريث till) والماء في قاع البحر هي التي تتحكم طوال أيام وسنين، ولكن المناخ العالمي هو الذي يسيطر طوال آلاف السنين، ولا سيما من خلال درجة حرارة الهواء ومستوى البحر. وسوف تتيح هذه المعلومات الجديدة وغيرها بناء نماذج حاسوبية أكثر وثوقية لسلوك الأنهار الجليدية المحتمل حتى قرون من الآن.
انزلاق الطين(******)
تنقل الأنهار الجليدية الضخمة الجليد إلى سواحل غربي أنتارتيكا بسرعة تبلغ مئات الأمتار في السنة، فتضيف أكثر من 400 كيلومتر مكعب من الجليد كل عام إلى الرفوف الجليدية. وبإمكانها بذلك أن تستنزف الغطاء الجليدي خلال 7000 سنة أو أقل من ذلك إذا لم يعوضه ثانية الهطل الثلجي. ومع ذلك، فثمة اكتشافات مطمئنة تدل على أن الأنهار الجليدية يمكن أن تركد فترات طويلة. ويتوقف ركودها أو جريانها على كمية الماء السائل الموجود أسفل الجليد؛ فالكثير منه يجعل النهر الجليدي يجري بسرعة والقليل منه يبطئه.
تركد الأنهار الجليدية فجأة حين يصير الماء قليلا. وحين يجري الجليد بسرعة فإنه يرقّ فيسمح لبرودة الهواء بالنفاذ خلاله إلى أعماق أكبر. وحين يبرد الجليد الأقرب إلى الحريث (الرواسب) till تنطلق حرارة الأرض بسرعة أكبر نحو السطح ولا يكون لديها الوقت الكافي لصهر أسفل الجليد. وفقدان الحرارة هذا يجمّد الماء في الحريث جاعلا إياه قاسيا ولزجا. وما لم يُبْقِ الماء الوارد من أعلى النهر الجليدي الحريث لينا فإن النهر يتوقف
تنزلق الأنهار الجليدية بسرعة حين يصير الحريث الموحل تحتها مبتلا. ويتكون الماء حين تسخِّن حرارة الأرض الداخلية الأجزاء السفلى من الجليد. وبسبب الجليد السميك الذي يعلو الطبقات العميقة ويعزلها عن الجو البارد، يصبح الحريث دافئا لدرجة كافية لصهر قاع النهر الجليدي. ويتسرب الماء السائل عندئذ إلى الحريث الذي يصبح رخوا إلى حد بعيد فينفرش بسهولة تحت ثقل الجليد الذي فوقه.
من الأنباء الجيدة قلة خطر الانهيار الوشيك للغطاء الجليدي لمنطقة غربي أنتارتيكا، الذي تستنزفه أنهار روس الجليدية. ولكن صار واضحا في السنتين الأخيرتين أن جميع أقسام غربي أنتارتيكا لا تسلك السلوك نفسه. ففي حين كان العاملون الميدانيون يركزون جهودهم على الأنهار الجليدية التي تغذي الرفّين الجليديين روس و رون، كانت عدة مِحسّات ساتليةsatellite sensors تجمع بأناة بيانات من قطاع آخر من الغطاء الجليدي، من المنطقة غير المعروفة جيدا المحاذية لبحر أموندسِِن Amundsen Sea. فقد اكتشفت مجموعات من الولايات المتحدة وبريطانيا أن المَجْلَدات في هذه المنطقة الغامضة تختفي بمعدل أسرع، حتى من ذلك المعدل الذي افترض سابقا لأنهار روس الجليدية.
وبصورة مستقلة، بيّن كل من[من جامعة لندن] و[من مركز گودارد للطيران الفضائي التابع لناسا] ـ بعد أن دققا الملايين من قياسات الارتفاعات الجليدية التي أُخذت من الفضاء خلال الثمانينات والتسعينات ـ أن أجزاء الغطاء الجليدي التي تغذي جزيرة پاين Pine Island ومَجْلدات ثويتس Thwaites تترقق، وأن معدل ترقق الأخيرة أكثر من 10 سنتيمتر في العام. وتتفق هذه النتائج بصورة جيدة مع تقرير آخر قدمه حديثا [من مختبر الدفع النفاث في پاسادينا بكاليفورنيا]. فقد لاحظ ريگنوت ـ باستخدام قياس التداخل الراداري، وهي تقنية قادرة على كشف حركة الجليد ولو بلغت من الصغر مليمترات فقط ـ أن كلتا المَجْلَدَتين تحملان الجليد بسرعة متزايدة إلى بحر أموندسِن، وأنهما تنكمشان باتجاه داخل القارة. ونتيجة لذلك فهما تسهمان حاليا في رفع مستوى البحار في العالم بما يراوح بين 0.1 و 0.2 مليمتر في السنة ـ أي ما نسبته 10في المئة من الإجمالي. وبهذا المعدل، سوف تستنزف المَجْلَدات 30 في المئة من كامل الغطاء الجليدي في مدة تراوح بين 7500 و000 15 سنة. وقد يحدث ذلك بمعدل أسرع بكثير إذا حدثت كارثة، مثل تلك التي كانت قد افتُرضت سابقا بالنسبة لقطاع روس.
لا يشكل هذا الدليل الجديد مفاجأة لعلماء المَجْلدات، من أمثال [من جامعة مين] الذي سَمَّى قبل زمن طويل قطاع أموندسِن: «المنطقة الضعيفة في الغطاء الجليدي لغربي أنتارتيكا». ولكن الصعوبات اللوجستية (من إيواء وتموين ...) أعاقت الرصد الميداني في هذه المنطقة النائية عقودا من الزمن ـ فهي بعيدة عن أي محطة دائمة للأبحاث، وهي مشهورة بأنها من أكثف المناطق غيوما على كوكب الأرض. يضاف إلى ذلك أن الصفات الفريدة لمجلدات بحر أموندسِِن تعني أن المعرفة المكتسبة بجهد كبير من قطاع روس لن تكون قابلة للتطبيق هناك. فسطوح المجلدات تنحدر نحو البحر بسرعة أكبر مما هو عليه الأمر بالنسبة للأنهار الجليدية على سبيل المثال. وبسبب أن المجلدات تلقي بجليدها في البحر مباشرة بدلا من أن تضيف الجليد إلى رف جليدي قائم، يعتقد بعض العلماء أن هذه المنطقة يمكن أن تسبق في تفككها أي جزء آخر من الأنتارتيكا.
رفع الحرارة(*******)
إن عدم اليقين حول هشاشة قطاع بحر أموندسن ليس سوى أحد الأشياء المجهولة التي مازال يتعين على العلماء الاهتمام بها. فازدياد درجات الحرارة المتعلق بالاحترار العالمي يمكن أن يبدأ زحفه نحو القطب الجنوبي من شبه الجزيرة الأنتارتيكية، حيث سَخُن جو الصيف أكثر من درجتين سيلزيتين منذ الخمسينات. ولكن هذا التغير الذي يبدو طفيفا في درجة حرارة الهواء يمكن أن ينشط تفكك الرفوف الجليدية التي تنعم باستقرار نسبي في الوقت الحالي. وكذلك يشير الدليل الذي أُعلن عنه هذا العام إلى أن مياه المحيط الأكثر دفئا القادمة من مناطق دافئة ربما تذيب حافات الرف الجليدي الملامسة للقاع بسرعة أكبر مما افترض سابقا؛ إضافة إلى أنها تنقص كمية الجليد في بحر أموندسِن.
ولعله من حسن حظِّ من يعيش منا في العالم اليوم أن تبدو للغطاء الجليدي لغربي أنتارتيكا وسائل استقرار مفيدة ـ كتلك التي يمكن أن توقف الأنهار الجليدية السريعة الحركة مدة قرون متصلة ـ أكثر مما أتيح لمثيليه الأمريكي أو الأوروبي اللذين زالا قبل زمن بعيد. فقد حدث تدميرهما فجأة نتيجة لارتفاع الحرارة درجات قليلة، ومع ذلك صمد معظم جليد غربي أنتارتيكا. ويبدو أن النموذج القديم لويرتمان بالغ في تبسيط الدينامية الخاصة بالغطاء الجليدي التي فرضت حتى الآن سيطرة كافية على حجمه منعت حدوث زواله السريع.
إننا نتوقع بحذر، استنادًا إلى ما نعرفه حتى الآن، أن الغطاء الجليدي سوف يستمر بالانكماش، إنما طوال آلاف السنين. وإذا كان هذا صحيحا، فقد يبلغ أثرُ غربي أنتارتيكا في رفع مستوى البحر ـ في المتوسط ـ نحو ضعف أثره التاريخي الذي قدر بمليمترين كل عام. وهذا يعني أن هذا الغطاء الجليدي يمكن أن يضيف مترا آخر فقط إلى مستوى البحار كل 500 سنة. ولكن قبل أن يتنفس أي واحد الصعداء يجب أن نتذكر أن هذا الغطاء الجليدي الرائع ظل يفاجئ الباحثين طوال أكثر من 30 عاما ـ وربما مازالت لديه مفاجآت أخرى خبيئة.
المؤلفان
Robert A. Bendschadler - Charles R. Benthley
كرّسا معظم مسيرتيهما البحثيتين لدراسة الغطاء الجليدي في غربي أنتارتيكا والقارة التي تحته. فطوال 23 عاما في مركز الطيران الفضائي گودارد التابع للوكالة ناسا قاد بندشادلر12 بعثة ميدانية إلى الأراضي المتجمدة في أقصى الجنوب. وخلال عمله حاليا باحثا رئيسيا في گودارد، طور تقانات استشعار من بعد لتطبيقات متعلقة بعلم الجليد، وسنكتفي بذكر تطبيقين فقط، هما: قياس سرعة الجليد وارتفاعه باستخدام التصوير الساتلي ومراقبة ذوبان الغطاء الجليدي بواسطة إصدارات موجات المكروية. أما بنتلي فقد دامت زيارته الأولى إلى غربي أنتارتيكا 25 شهرا قاد خلالها مَسْحا استكشافيا عبر الغطاء الجليدي كجزء من بعثة العام الجيوفيزيائي الدولي 1958-1957 . وكان يعود للمنطقة بانتظام، بصفته عضوا في هيئة تدريس الجيوفيزياء بجامعة ويسكونسِن-ماديسون، حتى تقاعد في العام 1998.
مراجع للاستزادة
Rapid Sea-Level Rise Soon from West Antarctic Ice-Sheet Collapse? Charles R. Bentley in Science, Vol. 275, pages 1077-1078; February 21, 1997.
Future of the West Antarctic Ice Sheet. Robert 8indschadler in Science, Vol. 282, pages 428-429; October 16, 1998.
The West Antarctic Ice Sheet: Behavior and Environment. Edited by Richard B. Alley and Robert A. Bindschadler. Antarctic Research Series, Vol. 77. American Geophysical Union, 2001.
West Antarctic research program Web site: