تتناول دراسة الجغرافية العلاقة بين الإنسان والمسرح الجغرافى الذى يعيش عليه وهو سطح الأرض ،ومن ثم يعتقد أن الجغرافيا قديمة قدم الجنس البشرى ، فقد حاول الإنسان منذ وقت مبكر معرفة البيئة الأنسب لمعيشته واستقراره والتى توفر له الغذاء والأمان ومن هنا كانت محاولات الاستشكاف للتك الأماكن المحيطة واختيار أفضل مناطق السكن والإقامة ، ومع بداية وصف الإنسان لتلك الأماكن وتطور معرفته بالعالم الذى يحيط به كانت بداية علم الجغرافيا . وتلك العلاقة المبكرة بين الإنسان والبيئة أشار إليها هكسلى Huxley بمصطلح Human Ecology و مع تطور مراحل المعرفة الجغرافية . كان تطور الفكر الجغرافى والتى معها تعددت تعريفات هذا العلم وفى نفس الوقت انعكست على تنوع المناهج والأساليب الجغرافية المستخدمة عند تناول الموضوعات والظاهرات الجغرافية المختلفة . و على الرغم من عدم اتفاق الجغرافيين على تعريف جامع مانع لعلم الجغرافيا إلا أن تعدد التعريفات تعنى غنى وخصوبة مجالات هذا العلم الذى يتسم بالديناميكية ويساير تطور العلوم ومتطلبات ومشكلات الإنسان على سطح الأرض وذلك منذ المرحلة الأولى البدائية وحتى الوقت الحاضر . و يعتبر التعريف الذى جاء به " إيراستوثين E " الإغريقى و الملقب بأبو الجغرافيا والذى وضح مفهوم الجغرافيا وتعريفها بتفسير مصطلح الجغرافيا rastothenesGeography الذى يتألف من شقين هما Geo بمعنى الأرض graphy بمعنى الوصف أى الجغرافيا تعنى وصف الأرض . وقد جاء بهذا التعريف بناءً على كتابات من سبقوه من علماء الجغرافيا الإغريق خاصة هوميروس فى ملحمته التى تعرف بالأوديسا والتى شملت وصف عدة مناطق بإقليم البحر المتوسط ، و كذلك كتاب "وصف الأرض " لهيكتاتيوس ثم كان امتداداً لهذا التعريف ما عرف بأن علم الجغرافيا هو علم الأماكن الذى يهتم بوصف الأرض ومواردها غير أن هذه التعريفات اعترض عليها البعض لأنها أفقدت الجغرافيا صفة العلم عندما أقتصرت على الوصف ومن ثم كانت ضرورة التوجه إلى تعريفات أخرى بالتحليل والتعليل فى تفسير الظاهرات الجغرافية وخاصة منذ بداية القرن التاسع عشر عندما وضع كل من " همبولت Humboladt " و " ريتر Ritter " أسس علم الجغرافيا ، و من بين هذه التعريفات ما يؤكد أن علم الجغرافيا هو علم العلاقات Relationships كما يشيرها " هارتسهورن Hartshorne " لتفهم العلاقة بين الإنسان والبيئة أو بين الظاهرات وبعضها البعض الآخر غير أن هناك بعض الاعتراضات على هذا التعريف الذى حدد الجغرافيا بالعلاقات دون غيرها من جوانب الدراسات الجغرافية العديدة . مما دفع "ميل Mill " بدوره إلى إيجاد تعريف آخر جديد للجغرافيا وهو علم التوزيعات Distributions ولكن مع عمومية هذا التعريف التى لا يفرق بين توزيع الظاهرات سواء الجغرافية منها أو غيرها فضلاً عن أن ظاهرة التوزيع قد تعنى بها العديد من العلوم الأخرى فقد سارع الجغرافيون بتعديل طفيف لهذا التعريف حتى يكون أكثر ملائمة وارتباطاً بالدراسات الجغرافية والذى تمثل فى أن الجغرافيا هى علم الاختلافات المكانية Areal Differentaition وهذا يعنى إبراز الاختلافات المكانية فى توزيع ظاهرات بشرية أو طبيعية وبما يؤكد أيضاً العلاقة المتبادلة أو التفاعل بين الإنسان والمسرح الجغرافى . و للتأكيد على ذلك الأمر كان إيضاح هذا التعريف بأن الجغرافيا تعنى بالتنظيم المكانى Spatial Organization وذلك من خلال مرحلتين الأولى تتمثل فى العمليات Processes والثانية تحدد بالأنماط Patterns والتى يتحقق بهما فهم النظام أو الترتيب للظاهرات الجغرافية على سطح الأرض ، الأمر الذى يتيح إبراز الشخصية المميزة للحيز المكانى ومن ثم تتحدد على ضوءها أقاليم التشابه والاختلاف .وحتى لا تبتعد الجغرافيا كثيراً عن نظرتها الكلية والشاملة للأقاليم والتى تكون فى مجموعها إطار المسرح الجغرافى وهو سطح الأرض ، ويرى الباحث ضرورة تعريف علم الجغرافيا بأنه العلم الذى يسعى إلى إبراز التكامل بين أقاليم العالم المختلفة من خلال أوجه الشبه والاختلاف والعلاقات المتبادلة والتى تحقق نظام متماسك يبدو التنوع والاختلاف فيه من أهم أسباب وحدته والتكامل بين وحداته الإقليمية. .