مهاالشعباني ادارة الموقع
عدد المساهمات : 531 تاريخ التسجيل : 23/11/2007
| موضوع: التوازن البيئي من منظور الطبيعة الإثنين يناير 21, 2008 4:46 am | |
| التوازن البيئي من منظور الطبيعةموسى ديب الخوري انقراض جديد وهائل يتحضر. بات الأمر حقيقة يتفق العلماء عليها. وهو لن يكون نتيجة كارثة طبيعية، مثل الانقراضات السابقة، بل بسبب تدخل نوع مميز: إنه الهومو سابيان. إن نصف النباتات والحيوانات مهدد بالإنقراض قبل نهاية القرن[a]. إلا إذا...إلا إذا عدنا ببساطة إلى الطبيعة، ليس كأسياد عليها بل كأبناء لها. الفكرة بسيطة، لكن تطبيق المثال هو الأمر الصعب دائماً. قد يبدو الحديث عن التوازن البيئي بعد هذه المقدمة ضرباً من الترف الفكري، لكنني أعتقد أنه الحل الوحيد الذي على الإنسان أن يحاول تحقيقه. لهذا نتكلم اليوم عن علم بيئة جديد. وهذا العلم يحاول إعادة اللحمة بين الإنسان والطبيعة. والتوازن البيئي في منظور هذا العلم لا يعتمد على فهم البيئة بمعزل عن الإنسان بل على فهم البنية الجوهرية التي تجعل الطبيعة كلاً يتجاوز الحدود والتجزئة التي فرضها العقل البشري عليها. وإن كنا نحتاج اليوم بالتأكيد إلى التطور العلمي الرفيع، النظري والتقني، الذي وصلنا إليه لفهم هذه البنية العميقة للطبيعة، لكننا نحتاج أكثر إلى المثال الأخلاقي في هذا الفهم وإلى المنطلق الإنساني الطبيعي في الولوج إلى عصر أقل ما يقال فيه إنه على بعد خطوة واحدة من الكارثة.
مدخل إلى تاريخ وفلسفة علم البيئة مما لا شك فيه أن الطبيعة كانت تجد سهولة أكبر في التعامل مع المنظومات البيئية قبل وجود الإنسان. ولهذا حاول العلماء دراسة المنظومة الطبيعية عندما كان تدخّل الإنسان أقل ما يمكن. لكن المسألة ليست بهذه البساطة. فالإنسان أصبح بطريقة ما خارج الطبيعة عندما بدأ بمحاولة السيطرة عليها. وهو بذلك أبعد الطبيعة أيضاً عن طبيعيتها إذا جاز التعبير. ومن جهة أخرى عندما نريد دراسة الوضع البيئي والخلل القائم في البيئة فهذا يفترض أننا نعرف معايير الطبيعة والبيئة. فهل يجب أن يكون علم البيئة هو العلم الذي يخبرنا ما كان يجب أن تكون عليه الطبيعة لولا تدخل الإنسان فيها؟ ربما يمكننا أن نستشف من قمة الأرض التي انعقدت في ريو دي جانيرو في عام 1992 دعوة إلى العودة عن الحداثة لصالح الطبيعة، لكن الطبيعة ليست منفصلة عن الإنسان كما كنا نعتقد حتى عهد قريب؟ بل على العكس، فالإنسان اليوم أكثر التصاقاً بها مما يتوقع. ومع ذلك لا يزال بعض أصحاب السلطة ورؤوس الأموال كما وبعض العلماء يعتقدون أنه بوجود العلم الأكثر توسعاً وتطوراً يمكن حل المشاكل بسهولة. لكن دعوة هيدلبرغ هذه لم تعد كافية، وفي الحقيقة فإن أسس علم البيئة في أزمة حالياً أكان على المستوى الإبيستمولوجي أو الإجتماعي. وهذا ما دعى إلى التفكير بأسس جديدة لعلم بيئة جديد. كان آرثر تانسلي Arthur G. Tansley قد طرح في عام 1935 مفهوم المنظومة البيئية لمواجهة فكرة أن مجتمع الكائنات الحية في وسط بيئي واحد هو عبارة عن نوع من المتعضية الفائقة. فكان يؤكد على الاستقلالية المتبادلة في هذه "الوحدة الجوهرية للطبيعية" للكائنات الحية ولوسطها الفيزيائي ـ الكيميائي. وكان تانسلي يضع بالتالي المنظومة البيئية ضمن سلسلة من تراتبية منظومات فيزيائية متعددة بدءاً من الكون باعتباره كلاً وحتى الذرّة. وهكذا كان يدعم فكرة أن الكون مؤلف من مجموعة تراتبية من المنظومات المتضمنة في بعضها بعضاً في مستويات متداخلة ومتتالية. وقد نشر ودعا إلى هذه الفكرة فيما بعد فرانسوا جيكوب F. Jacobs. وغذّت هذه النظرة الرؤيا ذات الطابع الكلي للبيئة. وقد تطور هذا المنظور لاحقاً من خلال مفاهيم المنظومة البيئية والمشهد الطبيعي والتنوع الحيوي. كانت المنظومة البيئية هي مرجع عدد كبير من برامج البحث بلغت ذروتها بين عامي 1960 و 1970، مع البرنامج الدولي البيولوجي. وهكذا جرى على سبيل المثال في العديد من البلدان تحليل بنية وعمل مختلف أنماط المنظومات الأرضية والبحيرية والبحرية. وفي بداية الثمانينات ظهر علم بيئة المشهد الطبيعي أو المشهد المعقد، وهو كينونة مؤلفة من عناصر متفاعلة تسمى المنظومات البيئية. والمشهد الطبيعي يتألف من مستوى تنظيم تراتبي أعلى. وفي مستواه الأدنى هناك بنى ووظائف ذات علاقة ديالكتيكية تتحدد بشكل متبادل. وكانت فرضية غايا لجيمس لوفلوك تعبيراً شاعرياً ومبدعاً في آن واحد لهذه النظرية: فالأرض مستقرة لأنها منتظمة ذاتياً، وهي بالتالي متعضية حقيقية. وهكذا، أصبح التوازن البيئي، للمنظومة الأساسية للكوكب الأرضي، عاملاً جاذباً ومحركاً رئيساً لفكر علماء البيئة. لكن ألا يبدو ذلك متناقضاً. لأنه في علوم الأرض كما في علوم الحياة، لم يعد أحد يتخيل وضع إطار شامل لا يكون متغيراً وديناميكياً. وبعبارة أخرى فالتوازن البيئي لا يعني الإستقرار والسكون والعطالة. إن البحث البيئي الواقعي واليومي هو بحث تقليصي وتجزيئي. فالمنظومة البيئية تنتهي إلى أرقام وجداول، وقد أمل ورثة العلم الميكانيكي والتجزيئي استخلاص قوانين البيئة بهذه الطريقة. لكننا ندرك هنا أهمية الزمن الغائب في البحث البيئي. وقد أدخل هذا المفهوم لاحقاً في تعبير التوازن الديناميكي الذي يحافظ على الإستقرارية مع التغير الذي يطال البيئة عبر الزمن. لكن مع الأسف، لم يأخذ مفهوم التوازن الديناميكي المحافظ على استمرارية البيئة في حسابه إدخال أحد أهم المشوشين والمخلين بالنظام البيئي، ألا وهو الإنسان. لقد عملت خلفية ميتافيزيائية ثنائية على نمذجة العلاقة بين الإنسان وباقي الطبيعة. فمن جهة كان هناك الوعي التخيلي والفعل المبدع، ومن جهة أخرى العالم الآلي والتحديدي والذي يمكن تحريكه آلياً واستثماره لصالح الطرف الأول. ونلحظ هذه الثنوية بين الفكر والموضوع في التمثيلات الخطية والبيانية العلمية اليوم. ونجد مثالاً رائعاً على ذلك في علم البيئة نفسه على شكل كاريكاتوري بعض الشيء، عندما يتم تمثيل الإنسان في مربع خارجي يرتبط بأسهم بمربعات أخرى تمثل المنظومات البيئية المجزأة المترابطة مع بعضها بواسطة علاقات. لكن وضع الإنسان على صلة مع الكائنات والأنواع الأخرى وفق هذه الصيغة الشكلية لا يدمجه أو يناغمه أو يدخله ويعيده فعلياً إلى المنظومة البيئية. ولهذا عندما نحاول فهم علاقات المجتمعات البشرية مع المنظومات البيئية، فإن هذه الشكلانية تبدو ضعيفة جداً وغير ذات معنى. وحتى علم بيئة المشهد الطبيعي المعقد يجد صعوبة في حل هذه الثنائية. إن علم بيئة المشهد يحاول تصعيد تقليصية المنظور البشري للبيئة. لكنه لا ينجح في النهاية في دمج الإنسان في البيئة، بل يتركه إلى جانبها كمؤثر فيها. وهذه الثنائية ترسخ في النهاية الفصل بين علوم الطبيعة والعلوم الإنسانية، وهو فصل يصل إلى حد كبير في مناهج التعليم المدرسية والجامعية. فإذا كانت تربيتنا وسلوكنا وتعليمنا وأكاد أقول حتى تعاليمنا تعمل على ترسيخ هذا الفصل بين الإنسان والطبيعة، فكيف يمكن فهم علاقة الإنسان بالبيئة في إطار غير نطاق الاستثمار أو السلطة؟ إن محاولة فهم علاقات المجتمعات مع المنظومة البيئية يجبرنا بالتالي على اللجوء إلى منهجين علميين لا يتقاطعان عادة. وجمع العلوم المختلفة بهذه الطريقة هو عملية معاكسة للثقافة السائدة حالياً. ذلك أن ثقافتنا هي ثقافة تجزيئية بالدرجة بالأولى، وانتقائية ثانياً، وتقليصية ثالثاً. لقد تطورت خلال العقود القليلة الماضية العلوم ما بين المنهجية التي أدت في النهاية إلى وعي هذه المسألة، لكنها لم توجد حلولاً عملية أو جذرية للمسألة التقليصية أو للثنوية البيئية الإنسانية. إذ لا يكفي ضم الإنسان والبيئة ضماً عادياً في تعابير مثل المنظومة البيئية الإجتماعية إلخ. فهذه العبارات تنتهي أيضاً إلى تقليص للبيئة وإلى فصل الإنسان عن الطبيعة. فيجب الذهاب إلى أبعد من ذلك للأخذ بعين الاعتبار لتاريخ المساحات والفضاءات، ولفهم الديناميكيات التي طبقها البشر خلال العصور في علاقاتهم مع المساحات والأنواع، ولتفسير الفرادات في كل وضعية. إن التطور الجوهري الحاصل في بعض العلوم، كما وتعميق إشكاليات فلسفية علمية هي مؤشرات على ثورة تغير بالتدريج اليوم إنما بعمق نظرتنا للواقع وطريقتنا في فهمه. وهنا تعلب نظرية الشواش والإبستمولوجيا البنائية دورين جوهريين في ذلك. فنظرية الشواش، إذ تبين أن تغيرات صغيرة للشروط البدئية يمكن أن تولد آثاراً جهارية مختلفة جداً، فإنها تعمل على ظهور نظام ابستمولوجي للفرادة كما وللتاريخية واللاعكوسية وهو نظام جديد بكل معنى الكلمة. أما بالنسبة للبنائية، فإنها تشدد على أن نمو المعارف لا يبنتج عن " كشف" حقيقة خافية سابقة للوجود، بل عن البناء والتنظيم النشيط لكون من التمثيلات ذات الحدود التي ترسمها الاهتمامات، أي أهداف باحثي المعرفة. إن عملية المعرفة ليست مستقلة عما نحن في صدد معرفته. فهما مرتبطان بصيرورة ديناميكية لا يمكن لها أبداً أن تُكسر. ووفق هذا المنظور، فإن ديناميكية المعرفة ليست إلا أحد جوانب التطور، بينما تكتسب العلاقات بين الإنسان والطبيعة معنى آخر تماماً. وهذه العلاقات لا تحكم فقط من خلال مقادير فيزيائية أو حتى صلات كيميائية ومعلوماتية، بل هي تتجذر في طريقة تفكيرنا وفي أخلاقنا. وللأسف الشديد، فإن أخلاقنا الحالية ليست على مستوى ديناميكية المعرفة التي وصلنا إليها.
التنوع الحيوي لا بد لنا في حديثنا عن التوازن البيئي من فهم التنوع الحيوي القائم في الطبيعة وإلى أي حد هو مهدد فعلاً. وعندما نتكلم عن التنوع الحيوي فإن أول ما يخطر على بالنا هو مصلطح النوع، وذلك أكثر بكثير من مصطلح المورثة أو الأفراد أو الشعوب. والأمر مبرر دون شك. فالطريقة الأبسط لتعريف التنوع الحيوي هي تقديمه على أنه تنوع كافة أشكال الكائن الحي. وبالنسبة للعالِم، فهو كامل تنوع الكائن الحي مدروساً على مستويات ثلاثة: المنظومات البيئية والأنواع التي تؤلف المنظومات البيئية وأخيراً المورثات التي نجدها في كل نوع. والمورثة هي الوحدة الجوهرية للاصطفاء الطبيعي وبالتالي للتطور. ولكن عندما ندرس التنوع الحيوي على الأرض فإن النوع هو الذي يكون الوحدة الأكثر قابلية للتعامل معها. ولا يكون لدينا الوقت للمضي أبعد وصولاً إلى المورثات. وعلى الرغم من أن مفهوم النوع يصادف بعض العقبات لكنه يعمل بشكل جيد جداً على أرض الواقع: فهو يحدد المجموعات من الأفراد القادرين على التناسل فيما بينهم. وهو من جهة أخرى أحد عوامل حفظ التوازن البيئي الرئيسية. فالنوع بوحدته وقدرته على الاستمرار يعمل ضمن منظومة البيئة المحلية كعنصر واحد مشارك فيها. ومع ذلك فإن التنوع الحيوي الحقيقي هو التنوع المورثي. فالاختلاف بين مورثات فردين من النوع نفسه هو التنوع البيولوجي الأعمق والأكثر جوهرية. ونحن اليوم كما نعلم بتنا قادرين على التلاعب بهذا التنوع المورثي وعلى كسر توازنه. ومن هنا فإن التوازن البيئي على مستوى المورثات يعني الحفاظ على النوع من جهة وعلى القدرة على التطور والاصطفاء من جهة أخرى. واللعب بالمورثات يشكل تهديداً خطيراً لصلابة النوع كما ولتوازن المنظومة البيئية والمشهد الطبيعي ككل. غير أنه يوجد مع ذلك في مفهوم النوع مستوى للتعقيد ليس موجوداً في مفهوم المورثة. ففي كل مرة ننتقل فيها إلى مستوى تنظيم أعلى، تظهر ظاهرات جديدة كلياً. وفي كل مرة يتم فيها اجتياز مرحلة باتجاه الأعلى، بدءاً من المورثة وحتى المنظومة البيئية، مروراً بالتفاعلات ما بين المورثات والخلية والاتصالات بين الخلايا والمتعضيات والجماعات، فإننا نلج إلى حالة من الوجود مختلفة تماماً. وتشتمل هذه الحالة على قواعدها الخاصة ولا يمكن فهمها إلا بالنظر إلى مجمل الواحدات التي تؤلفها. وهذا ما تحاول تطويره دراسات فيزياء الإنتظام الذاتي المطبقة على البيولوجيا. ويعني ذلك أن التنوع الحيوي ليس فقط موضوعاً محدداً جداً، يندرج في الإشكالية الشاملة للبيئة، بل ويشكل أيضاً جزءاً من ميل للبيولوجيا إلى التخلي عن حقل الدراسات التقليصية والبحث عن عناصر تأليف قادرة على الأخذ بعين الاعتبار لصيرورات التجمع الذاتي للمنظومات المعقدة. وأعتقد أن هذا الميل سيسيطر على البيولوجيا في القرن الحادي والعشرين. إن ما نفهمه بشكل أفضل عن التطور هو بشكل جوهري مورثي، وما نفهمه بدرجة أقل هو بشكل جوهري فعلاً المسألة البيئية. فعلى المستوى الأكثر جوهرية، وهو مستوى وصف المورثات، نفهم القواعد. والبيولوجيون يفهمون أيضاً جزءاً جيداً من قواعد أساس تجمع الخلايا والمتعضيات. أما عندما نصل إلى مستوى الجماعات، وإلى الطريقة التي تتجمع فيها لتؤلف منظومات بيئية، فهذا لا نفهمه بدرجة كافية. وليس ذلك بمفاجئ، لأن درجة التعقيد تصبح في حدها الأقصى ـ وكذلك مستوى الخصوصية. فكلما مضينا إلى الأعلى يصبح من الصعب أكثر العثور على قواعد أساسية تشتمل على مجمل العوامل. فالمشهد الطبيعي بالتالي هو في تعقيده المتنامي حقل غير منته من الإمكانيات والكمونات التي يمكن أن تتطور مع الزمن تبعاً لعوامل لا حصر لها. والتنوع الحيوي بهذا المعنى يرتكز على ما هو أبعد من الإحصاء أو من تحديد الأنواع. وهذا يعني أن التنوع الحيوي مهدد ليس في عدد الأنواع فقط بل وفي صلاتها مع بعضها بعضاً وفي قدرة المورثات في النوع الواحد على التأقلم مع التغيرات التي قد تشكل ضعفاً عاماً في النوع أو قد تأتي من مصدر خارجي هو الإنسان. السؤال الذي يمكن أن نطرحه هنا هو إلى أي حد يجب أن يقلقنا فعلاً تقلص التنوع الحيوي؟ فقد شهدت الأرض انقراضات كارثية أكبر...وفي الحقيقة لا يجب أن نقلل من قدر الانقراض الذي يتحضر الآن. فجميع علماء البيولوجيا الذين يعملون على التنوع الحيوي يتفقون على القول إننا إذا تابعنا تدمير بعض البيئات الطبيعية فإننا سوف نكون قد أبدنا نصف نباتات وحيوانات الكوكب أو أكثر. فالأمر يتعلق بالتالي بانقراض كبير سيحل خلال بضعة عقود، وهو يوازي في كبره الانقراضات التي وقعت في العصور الغابرة. وهذا يعني كسر التوازن البيئي الذي بدأنا نشهد بعض آثاره منذ الآن لملايين السنين المقبلة. فخلال الخمسمائة مليون سنة الأخيرة، أي منذ العصر الكامبري، شهدت الأرض خمسة انقراضات ضخمة، يجب أن نضيف إليها دون شك انقراضاً سادساً حصل في بداية الحقب الكامبري (نحو قبل 540 مليون سنة). لكن هذه الانقراضات حصلت بسبب كوارث فيزيائية. أما الإنقراض الذي يتحضر اليوم فيرجع إلى تدخل نوع واحد. والأمر المهم هو ان الترميم الطبيعي الذي قام به التطور في كل مرة كان يتطلب ملايين السنين. وبالتالي فالسؤال هو: هل من الصحيح أخلاقياً إبادة قطاعات واسعة من الحياة على الأرض خلال بضعة عقود فقط، في حين أن التطور سيحتاج إلى ملايين السنين ليقوم بعمله الترميمي والإصلاحي؟ توجد صلة ثابتة بين تقليص مساحة منظومة بيئية وعدد الأنواع في هذه المساحة. وهذه القاعدة الحدسية كانت قد وضعت في الستينات في إطار ما سمي بالنظرية البيوجغرافية الجزيرية. ويمكن التعبير عنها على النحو التالي: إن عدد الأنواع التي تستمر مثلاً على جزيرة أو في مساحة من غابة مدارية يزداد عموماً بشكل لوغاريتمي مع المساحة. وبشكل عام أيضاً، فإن مضاعفة مساحة مسكن عشر مرات يقود إلى مضاعفة عدد الأنواع القادرة على العيش والبقاء فيه.
| |
|